السبت، 27 أغسطس 2011

النتحيبة

في مستوصف من مستوصفات العاصمة اجتمع نفر من الدكاترة والممرضات والسسترات يعملون في دأب وبروح الفريق الواحد ، وكان عمك ( عطا ) رجل من العقد الخامس من عمره وكان يعمل غفيرا في ذاك المستوصف ، علاقتهم ببعض كانت متميزة وفي فترات الفراغ يتجاذبون الأحاديث ويتفقدون بعضهم البعض ، كان عم عطا من جيل مختلف قدم للخرطوم من إحدى قري الجزيرة ، كانت تربطه بالطبيبات الموجودات ملح وطرف كثيرة أورد لكم واحدة منها :
كان عم عطا يعاني من دمل ( حبن ) وكان كثيرا ما يؤلمه خصوصا في فترات المساء وكانت الطبيبات يهتمن كثيرا بنظافة وغيار الدمل  ( الحبن )
في مساء يوم قدم عم عطا من الخارج مسرعا فسألته طبيبة صغيرة في السن
- في شنو يا عم عطا
فرد عليها مسرعا :
- النتحيبة بدت ( ويعني أن نوبة الدمل قد بدأت وبدأ يشعر بالألم بصورة شديدة ) 
فردت عليه الطبيبة في برأة شديدة
-  مسلسل يا عمو ؟؟؟

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

عبدو كنب

عبدو كنب من الشخصيات اللطيفة وقد جمعتني به علاقة تمتد لاكثر من ثلاثون عاما ، رجل حاضر البديهة والنكتة ، وهو من أهل مدينة عطبرة أو ( أتبرا) كما يحلو لاهلها أن يسمونها وقد أصطحبته في زيارة لمدينة الحديد والنار عام 1977م لقضاء عطلة عيد الأضحي المبارك ، كان الجو باردا إذ أن العيد كان في ديسمبر من ذاك العام ،، ركبنا قطار عطبرة وكان ( قطر عيد ) وأهل عطبرة يعلمون ماذا تعني كلمة ( قطر عيد) وهو أنه لا تجد موطأ لقدم إذ يحرص كل الناس بالسفر في ذاك اليوم للحاق بالعيد بين أهلهم وذويهم ،،ركبنا عند بوابة العربة وطبعا ( واقفين شماعة ) وركب شاب يبدو أنه من احدى الأسر الأرستقراطية ، لم يجد مكان فجلس في باب العربة معطيا ظهره للركاب ووجهه للشارع ، تحرك القطار الساعة السادسة وخمسة واربعون دقيقة والبرد كان قارسا ، ما أن تجاوزنا مدينة بحري حتى أخرج صديقنا الأرسطوقراطي كيس ( الزوادة ) وبدأ في إخراج الطعام دون أن يلتفت لنا نحن الواقفين خلفه تماما ، كان يخرج الطعام بصورة فيها كثير من الأثارة ،، سانبوكسه - سندوتشات فول مصلح - لحمة محمرة - وكان يضرب البيضة قرب رؤوسنا لتقشيرها ، ومع رائحة الطعام الرائعة في ذاك الصباح البارد تعبت أمعاءنا كثيرا واكتفينا بتدخين السجائر ( البرنجي ) على الجوع مما سبب لي كثيرا من المغص ،، أستمر ذاك الشاب في الأكل حوالي المحطتين وسندة ( السندة محطة صغيرة لايقف فيها القطار بل يخفف من سرعته فقط) وبعد أن  أكمل طعامه الدسم وأنا وصديقي عبدو كنب في حنق شديد من هذا الشاب ، لما لا يدعونا كعادة كل السودانيون لتناول الفطور معه خصوصا وبرودة الجو والأحساس بالجوع الذي ضاعف منه بنشره لتلك الروائح الرائعة .
بعد أن أكمل طعامه مسح فمه بمناديل ورقية كانت في جيبه ثم إلتفت الينا قائلا : يا شاب بالله سجارة ( وكان يقصد صديقي عبدو كنب ) فصرخ عبدو  بأعلى صوت لديه :
- أبييييييييييييييييييييييييييييت 
وضحك كل من كان حولنا لردة الفعل هذه .

السبت، 20 أغسطس 2011

بكاء أخر زمان ( منقول )

ملاح قرع و بامية مفروكة وكسرة وصحن سلطة و(ملاحة) ... ده كان الأكل فى بيوت البكا قبل أن يصبح (البكاء ذاتو) مظهر إجتماعى ونوع من أنواع (الفشخرة) بعد أن اجتاحت البلد أعداد مهولة من (المليارديرات الجدد) أصبحت تؤثر سلوكياً على بقية الطبقات الأخرى حتى صارت (الفاتحة) هى الفرق الوحيد بين الأتراح والأفراح!

عندما توفى رجل الأعمال (حسن يورو) قامت أسرته بفتح أبواب (الفيلا) الفاخرة لأفواج المعزين علاوة على (صيوان) ضخم نصب بطول الشارع العريض مزود بعدد مهول من مكيفات الهواء تغطى أرضيته (السجاد) لزوم (عدم الغبار وكده)!

عند موعد الغداء انتشر أفراد يرتدون زياً موحداً يحملون (صوانى الأكل) النيكل الناصعة التى ترتاح بداخلها أطباق المشويات والمحمرات والمقبلات وقطع الرغيف الفاخر بينما وضعت امام كل صينية عدد من زجاجات المياه المعدنية البااااردة!

فى صالون النساء جلست سوسو (فى الأصل ست البنات قبل أن يصبح حسن يورو رجل أعمال) جلست على سرير خشبى مستورد عليه ملاية قطيفة تتلقى التعازى من جاراتها وصويحباتها اللواتى جئن وهن فى كامل زينتهن (ناقشات) الحنة الما خمج يرتدين ثياب (الشيفون) المطرزة والشباشب ذات الكعب (البلية) تمتلئ أياديهن ورقابهن بآخر صيحات سوق الدهب فى (دبى) وبقية العواصم الخليجية!

- كلمتى (عوضية ردحى)؟

همست (سوسو) لجارتها وصديقتها (نوسة) والتى مالت قريبا منها وهى تجيبها:

- والله (عوضية ردحى) دى قالو عندها مناسبت بكاء فى (مدنى) سافرت مشت ليها، قمت مشيت لى (هاجر حى ووب) قالو ليا عندها إرتباط خارجى فى (دبى) فى واحد من ناس الجالية مات هناك أها فى الأخير مشيت كلمت ليكى (حنان سكليب) لقينا ما عندها ارتباط ووقعت العقد مع مدير أعمالا! وأديتو مليون عربون مقدم.

- وشالت منك البيانات!

- أديتا ليها كووولها.. المرحوم كان شغال شنو؟ وعندو كم عمارة؟ وقاعد يتبرع لى ياتو (نادى) وإشترى ليهم كم (لاعب)؟ وعربيتو الراكبا نوعا شنو؟ وموبايلو الشايلو موديلو كم؟

انتهت مجموعات النساء من تناول طعام الغداء الفندقى (الما خمج) ثم جئن لهن بالتحلية (باسطة وبسبوسة وكنافة وعين جمل وأم على) شئ باللوز وشئ بالجوز وشئ يالما بعرفو شنو داااك وبعد أن (ضربن) بدأن فى زحزحة الكراسى (البامبو) والجلوس كيمان كيمان (للشمارات) وهن يمسكن بثرامس الشاى (المذهبة) المتشابهة (الكبيرة حقت الشاى والصغيرة للجبنة) التى تفوح من (فناجينها) رائحة (المستكا)..

وفجأة دخلت إلى الصالون شابة (آخر شياكة) ذات مظهر يطابق كثيرا مظهر مغنيات هذا الزمان يمشى خلفها ستة (شابات آخريات) من نفس الشاكلة يرتدين زياً موحداً وهن يرفعن أياديهن عاليا فى حركات متتابعة ويصحن بصوت كالجرس يشق عنان السماء:

ووووب ووووب وووووووووووووووووووووووووووووو
ووووووووووووووووووووب..

ثم تبدأ (حنان سكليب) فى السكلى و(الوصف) وهن يرددن خلفها:

- ووووب عليا والله ليا يا حسن يوروو يا البتدى البتدورو والما بتدورو

ووووب عليا والله يا صغير وجاهل يا البتجيب القروش بالساهل

يا ود امي.. هيء يء يء يء ..

الكورس : وووب ... وووب ...ووووووووب

الليله يا حليلك يا زين الرجال ياملك الدولار يا البتستر الحال

الليله يا حليلك يا البتشيل من البنوك وتشتت قبال ما يلحقوك

يا ود امي... هيء يء يء يء ..

الكورس: وووب ... وووب ...ووووووووب

الليلة وينك إنتا يا الإسبليت هبوبك والهمر ركوبك

الليله وينك إنتا يا البنيت المقصورة وركبت النافورة

الليله وينك إنتا يا أب جيوب منفخة وأب عربية مصفحة

يا ود امي.. هيء يء يء يء ..

الكورس: وووب ... وووب ...ووووووووب

يا حليلك الليله يا البتفك الصعيبة ويا البتسجل اللعيبة

يا حليلك الليله يا جوكى البنوك يا التهريبك بالسنبوك

يا ود امي.. هيء يء يء يء ..

الكورس: وووب ... وووب ...ووووووووب

ثم تعدل (حنان سكليب) توبا الشفون (الترانسبيرنت) الكان واقع وتنظر للكورس خلفها نظرة الفنان الذى يود أن (يختم) الأغنية فيبدأن فى (تحرير) البكاء ويرفعن أصواتهن ويضربن بأياديهن ليبدين زينتهن (دهب دبى وكده) ... ووووووووووووب وب وب وب ووووووووب ثم يتوقفن فى لحظة واحدة بإشارة من (حنان سكليب)! التى تجلس على أقرب كرسى وتتناول علبة مناديل الورق وتخرج منديلين تمسح بهما حبات العرق التى تساقطت بفعل المجهود رغم برودة التكييف ثم تلتفت إلى النسوة اللواتى كن فى الصالون يتابعون (فاصل السكليب) قائلة:

- قبلكن وحدكن.. جنس بخلن عليكن .. أول مرة أمشى ليا (بيت بكا) ما ينقطوا ليا فيهو!!





الخميس، 11 أغسطس 2011

الحنكشة

ظهرت في مجتمعنا السوداني الأصيل كثير من الإهتراءات التي أثرت كثيرا في نسيجنا الإجتماعي ومن تلك الإهتراءات الظاهرة ، ظاهرة ما يسمي بالحنكشة ، وهي تعني في إعتقادي هي التميع بقصد او من غير قصد وقد تبدو مقبولة من البنات إلا انها لا تقبل بتاتا من الأولاد ، ومن الواضح أنها وفدت لنا مع اولاد وبنات الشهادة العربية وبعض الطلبة المولودين في أوروبا والحنكشة خشم بيوت ،، إلا أن هناك حنكشة ( محلية )  وما مقبولة ، أما أطرف ما قرأت في فنون الحنكشة هي نصائح يسديها حنكوش قديم واليكم بعض منها :

1- ارسال الشعر عند البنات مع إضافة الجل عند  الشباب 
2- التحدث همسا وبرقة ونعومة وأنت تمط الكلام قدر ما تقدر 
3- اذا ذكرت كلمة شعبية حتى وأن كنت ( كنتي ) تعرفينها فوضحي أنك ما عارفا معناها شنو 
4- سبلي عيونك وحركي  رموشك  بسرعة ( دي خاصة بالبنات ) مع محاولة النظر للسقف بصورة متكررة 
5- اختيار اللبس الفيهو اشكال دب وقط وأرنب وألوان كثيرة ( للجنسين ) 
6- الإبتعاد نهائيا عن مفردات ناس السوق الشعبي واكثر ( أكثري ) من كلمة ( ياااااااي ) وكلمة ( ستايل ) وكلمة ( مبالغة ) . 
7- فلتكن تحيتك دائما ( هاي ) .

أما حنكشة ناس ( قريعتي راحت ) فهي التي تحمل الطرافة فمثلا حناكيش أمبدة بستحوا يقولوا نحن من أمبدة فيختصرونها MBD وكمان ناس الحاج يوسف يقول ليك أنا من SAINT JOSEPH ، وطبعا الحنكوش ( قريعتي راحت ) بكون عاين للسينما بخرم الباب وجاء البوليس سكاهو.. و اكل شطة بعجور ..او اتسلف بنطلون صاحبو عشان يمشي بيه العرس أو ركب ركشات ، وشرب موية طين كما هو حادث هذه الأيام  بس يكون عاشر حناكيش اصليين وحاول يجاريهم 
وهذا الحنكوش يعتمد كثيرا على المظهر الناعم وكثرة الجل والكريمات وتجعيد الشعر بصورة غريبة . والمبالغة في استعمال حرف ( الجيم ) المعطشة لمن ريقها نشف . أو بدء الحديث بجملة استهلالية ( يلا.......) . أو استعمال كلمة NEW LOOK  بكثرة في حديثه أو حديثها .
من أطرف ما قال الحناكيش :

*الحنكوش قال لامو ماما ماما لو ماجبتي ليا السيارة اللكسز اخر مديل باكل ملاح شرموط اتسمم واموت




الاثنين، 8 أغسطس 2011

حوار ( بالقديم ولا بالجديد ؟؟؟؟)


-         قال جنيه ؟ هو جنيه ولا ألف جنيه
-         دي غلوتيه
-         حقيقي بعض منهم يقول جنيه وبعض يقول ألف جنيه
-         طيب مش كان سموه دينار
-         آي كان سموه دينار على السلطان علي دينار
-         يازول أنت الصوم أثر معاك على دينار شنو ، دا سموه دينار على الدينار الكويتي ( أنشاء الله  شايل الأسم )
-         لا لا أنا مصر انو سموه دينار على السلطان علي دينار ، مش قالوا ليك السلطان على دينار كان لما يسموا أي واحد بأسمه كان بدقو في الفندك ، أها يظهر السلطان اكتشف اسمه قام دقاه في الفندك لما طلع زيتو .
-         طيب هو ( جنيه سوداني واحد ) ولا ( واحد جنيه سوداني )
-         لا يسبق العدد المعدود لغة أي قول الله سبحانه وتعالى ( وإلهكم إله واحد . صدق الله العظيم ) يعني حتى الاسم مكتوب خطأ وفي كافة الدول العربية التي عملنا فيها معلمين للغة العربية  منذ حقب زمنية سحيقة يكتبون الفئة بصورة صحيحة ( ريال يمني واحد – ريال سعودي واحد – درهم أماراتي واحد الخ  ) . 




-         الاسم صاح الاسم خطأ دا ماموضوعنا موضوعنا قيمة الشرائية كيف ؟؟
-         والله قيمتو الشرائية دي عبر عنها واحد أقتصادي سؤل عن التضخم قال أن تحمل شوال كبير من القروش وتجيب ليك بيه كيس صغير من الخبز أو الخضار .
-         طيب نرجع للسؤال الأول هو جنيه ولا ألف ؟؟؟
-         والله ناس الحكومة بقولوا جنيه لمحاربة التضخم لغويا فقط أما عند التحدث عن مشاريع تقوم بها الحكومة تتحول بقدرة قادر لقصة (بالقديم) وتظهر هنا مفارقة بالجديد وبالقديم زى أيام تغيير الزمن بأن زادوا الزمن ساعة كاملة فظل الناس تسأل الساعة كم فيرد عليك أحدهم الساعة الواحدة فيرد السائل ( بالقديم ولا الجديد ) ، وأتخيل  أن مسئولا في دولة ما يخاطب البرلمـــــــان ذاكرا إنه بصدد زيارة السودان فيتسأل أحدهم في بـــــــــراءة ( السودان بالقديم ولا الجديد ).

لحظة ألم


كانت في العام الأول في الجامعة ، تعرفت عليه من ضمن الشباب الذين تعرفت بهم ، كان متميزا في أسلوب مخاطبته لجميع زملائه ،، كان يجمع بين الثقة في النفس والكياسة في التعامل ، استمرت العلاقة بينهما وكان كلما يمر يوم تتوطد العلاقة بصورة أكبر حتى صار حبا جارفا تحدث به الأساتذة قبل الطلاب ،، وكان إبراهيم ( وهذا أسمه ) لا يهنأ له بال أن غابت سناء لأي سبب عن الدراسة وتراه ممتقع اللون ساهما بصورة يرثى لها ،، عدت سنوات الدراسة في الكلية بسرعة لم يشعرا بها حيث أن علاقتهما قد ساهمت في انقضاء الوقت بصورة سريعة ،، وتعاهدا على أن يتوجا حبهما هذا بالزواج وكانا ينتظران فقط تخرجهما من الكلية ومن ثم يشرعان في تجهيز أمر زواجهما ،
تخرجا من الكلية وبدأت معركة البحث عن وظيفة وكانت هاجس كبيرا إلا أن الأقدار قد وقفت لصالحهما إذ فجأة وبدون مقدمات أرسل له صديقه مصطفي عقد عمل مجز في إحدى دول الخليج  فجهز كل حاجياته وحزم أمتعته وحدد تاريخ السفر وكانت سناء سعيدة وحزينة في نفس الوقت إذ أن حبيب العمر سوف يغيب عنها في رحلة طويلة ربما لا تتحمل مجابهة الحياة بدونه ولكنها ما أن تتذكر أن سفره سوف يصب ايجابا في تعجيل زواجهما فكانت تسعد قليلا ,
سافر إبراهيم وترك حبيبة عمره في انتظار أحر من الجمر لأوبته ومن ثم إكمال مراسيم زواجهما ،، عدت أشهر طوال وكان يتصل إبراهيم بسناء بصورة شبه يومية ليطمئن عليها وعلى وظيفتها الجديدة في احدي الشركات التجارية ثم بدأت اتصالاته تقل رويدا رويدا حتى بات يمر أسبوع واسبوعان ولا يتصل تبدلت المشاعر الجياشة أصابها بعض الفتور ، لم يكن هناك  ما  يبرر هذا الفتور ، سألت سناء إبراهيم بصورة مباشرة عن  أسباب هذا الفتور فأكد لها أنها ظروف عمله حالت دون أن يكون على اتصال بها كسابق أيامه ،،  مضت فترة طويلة أنقطع فيها إبراهيم تماما عن الاتصال بها مما ترك تساؤلا كبيرا عما أصابه ،، حاولت الاتصال به فتأكد لها أنه قد غير رقم هاتفه وانقطعت العلاقة تماما ، وكانت سناء تعاني من أمر آخر وهو أن والدها كان يضغط  عليها للزواج بابن أخيه الضابط في القوات المسلحة ،، كان محمد شابا رقيقا ومهذبا لا يقل تهذيبا عن إبراهيم غير أنه يتميز عليه بأنه يعمل ضابطا وكان مستقرا ماديا وله وضعه الاجتماعي المميز في الأسرة ، وتحت ضغوط اسرتها وانقطاع إبراهيم عنها لفترة تجاوزت العامين دون أن يتصل بها وافقت سناء بالاقتران بمحمد إرضاء لوالدها و حفظا لكرامتها التي أحست بأنها ممتهنة لعدم اتصاله بها لفترات طويلة ،، وافقت أخيرا سناء وتمت الخطوبة وتم تحديد تاريخ الزواج الذي كانت ترقبه بإحساس غريب ، أحساس مزيج من الهزيمة والفرح المالح ،، وكان يوم الزفاف وتم كل شئ حسب ما هو مخطط له واعد الصيوان بصورة جميلة تليق بسعادة الضابط محمد وعروسته سناء ووسط الأهازيج وصوت المغني وهو يشدو والعريس والعروس يجلسان في أريكة أعدت بصورة رائعة تتناسب مع عظمة ذاك اليوم ، حدث ما لم يكن في الحسبان إذ توقفت سيارة أجرة ونزل منها إبراهيم وكان واضحا أنه  قد قدم لتوه من المطار وما أن شهد الحفل البهيج حتى طفرت دمعة حرى من عيناه ، لمحت سناء وجه إبراهيم حتى فغرت فاها في اندهاش إلا أنها لاحظت أمرا جلل رأت إبراهيم وقد غابت يده اليمنى ،كان ذلك واضحا من خلال كم القميص الذي يرتديه وقد أخذت الريح الخفيفة تلك الليلة في تحريكه يمنة ويسرة ، تسمر إبراهيم في  مكانه وسط دهشة كثير من زملائهم الذين حضروا للمشاركة في الزواج ، انتبه إبراهيم أخيرا فرجع بسرعة للسيارة الأجرة التي يستغلها وغاب عن الأنظار ،، وغابت قصة حب شديدة الجيشان بعد أن عرف الجميع الظروف التي مر بها إبراهيم والحادث الأليم الذي كان سببا في انقطاعه طيلة هذه الفترة والذي راح ضحيتها قلبه المحب ويده اليمنى . 

الخميس، 4 أغسطس 2011

يا أستاذ ،،، يا

افاق استاذ متوكل من نومه متأخرا وتذكر أن عليه الحصة الأولى لفصل سنة تانية ( أ ) فركض مسرعا الى الشارع بعد أن ارتدي بنطلونة الوحيد وقميصة ( تاني أخوه ) ،، كان في عجلة من أمره فهو لا يقدر على توبيخ المدير وربما يعقد له  مجلس محاسبة خصوصا وأنو هو ( كترا شوية)الشهر الماضي ،، قرر أن يأخذ سيارة أمجاد فإنتظار البص ربما يؤخرة كثيرا وقد يضاعف في العقوبة ،، أستقل سيارة أمجاد وجلس سارحا بخياله وصوت المسجل يرسل بعض الاغنيات الهابطة من شاكلة ( اضربني بمسدسك ) ،، وصل المدرسة فوجد أن هناك احتفال كبير وما أن دخل من البوابة حتى هناءه عم محمد الفراش فتسأل ( الحاصل شنو ) فرد عليه عم محمد شكلك كدا ما سمعت أن الوزير اصدر تعليمات برفع رواتب المعلمين 50% لمقابلة الغلاء كما تم منح المعلمين بلا استثناء قروض مستردة خلال أربعة أعوام بما يعادل عشرون راتب شهري للمعلم  وذلك لرفع مستوى حياتهم خصوصا وهم نبراس الأمة ومقياس تطورها  ،، واردف عم محمد والليله اجازة يعني ممكن تذهب بيتكم  ،، دخل متوكل وتأكد من صحة الموضوع من قبل بقية زملائه المعلمين ، خرج من باب المدرسة بزهو لا يضاهيه أزدهاء العريس ليلة عرسه ،، ودلف لمطعم بالقرب من المدرسة فقد كان جائعا فطلب قائمة الطعام وبدأ يقرأ في القائمة من ناحية الأسعار وليس الأصناف فوقف في أغلا الأصناف وطلب ( بالله اديني طلب سمك فيليه وعصير أنناس ) وبعد أن تناول أفطاره الفاره خرج فوجد مجموعة من الصحفيين واسرعوا نحوه يا استاذ متوكل معاك قناة ... وعايزين نعمل معك سبق صحفي ،، والله ما فاضي ،، ياستاذ متوكل ممكن صورة ،، يلا بسرعة عشان انا عندي ارتباطات .
رن هاتف الجوال الخاص بالاستاذ متوكل ، فكان المتصل سيد الدولاري ،،
- مرحب يااستاذ معاك سيد الدولاري عرفتني
- افا وكيف ما بعرفك وفي حد في البلد ما بعرف الدولاري ، دا لينا عظيم الشرف بسماع صوتك ، أقدر اخدمك ؟؟
- والله الموضوع محرج شوية ، بصراحة أنا عرفت أن المعلمين الدولة أنتبهت لهم وتم تحسين اوضاعهم بصورة مميزة ، وبصراحة أنا عندي بنتي خلصت الثانوي والواحد عايز يطمئن عليها مع رجل عندو مستقبل ، حقيقي سألت عنك وعرفت انك رجل مستقيم وأنا لو ما عندك مانع لي عظيم الشرف بأن أخطب بنتي ( نانا ) ليك واذا وافقت فسأقوم بكافة اعباء الزواج .أها قلت شنو
- طيب يا أبو الدر اديني فرصة اشاور وبرد ليك .
- انا في الانتظار .
بدأ يتحسس متوكل اطرافه هل هو في حلم سيفيق منه أو كاميرا خفيه أم أنها حقيقة ، حضر مجموعة من الشباب والتفوا حول الاستاذ متوكل مهنئين له بالنصر المبين الذي تحقق من قبل الدولة بأن انصفت المعلمين ومنحتهم ما يستحقونه من اهتمام يفوق نجوم الغناء والطرب ،، حمله بعض الفتيان في اعناقهم وبدأوا يهتفون بأسمه  ،،،،، وما هي لحظات إلا ويدرك أنه محمول فعلا بواسطة الطاقم الطبي للأسعاف وسائق الأمجاد يدلي بأقواله لرجل المرور أنه ما أن حدث الحادث وإلا وهذا الرجل داخل في اغماءة طويلة ،،
أفاق استاذ متوكل ، فأذا بسائق الاسعاف يسأله يا أخي أنت شغال وين ،، فقال له أستاذ معلم ، فرد السائق للذين معه نزلوه وادوه سندوتش دا استاذ شكله كدا يكون ما فطر .