الاثنين، 8 أغسطس 2011

لحظة ألم


كانت في العام الأول في الجامعة ، تعرفت عليه من ضمن الشباب الذين تعرفت بهم ، كان متميزا في أسلوب مخاطبته لجميع زملائه ،، كان يجمع بين الثقة في النفس والكياسة في التعامل ، استمرت العلاقة بينهما وكان كلما يمر يوم تتوطد العلاقة بصورة أكبر حتى صار حبا جارفا تحدث به الأساتذة قبل الطلاب ،، وكان إبراهيم ( وهذا أسمه ) لا يهنأ له بال أن غابت سناء لأي سبب عن الدراسة وتراه ممتقع اللون ساهما بصورة يرثى لها ،، عدت سنوات الدراسة في الكلية بسرعة لم يشعرا بها حيث أن علاقتهما قد ساهمت في انقضاء الوقت بصورة سريعة ،، وتعاهدا على أن يتوجا حبهما هذا بالزواج وكانا ينتظران فقط تخرجهما من الكلية ومن ثم يشرعان في تجهيز أمر زواجهما ،
تخرجا من الكلية وبدأت معركة البحث عن وظيفة وكانت هاجس كبيرا إلا أن الأقدار قد وقفت لصالحهما إذ فجأة وبدون مقدمات أرسل له صديقه مصطفي عقد عمل مجز في إحدى دول الخليج  فجهز كل حاجياته وحزم أمتعته وحدد تاريخ السفر وكانت سناء سعيدة وحزينة في نفس الوقت إذ أن حبيب العمر سوف يغيب عنها في رحلة طويلة ربما لا تتحمل مجابهة الحياة بدونه ولكنها ما أن تتذكر أن سفره سوف يصب ايجابا في تعجيل زواجهما فكانت تسعد قليلا ,
سافر إبراهيم وترك حبيبة عمره في انتظار أحر من الجمر لأوبته ومن ثم إكمال مراسيم زواجهما ،، عدت أشهر طوال وكان يتصل إبراهيم بسناء بصورة شبه يومية ليطمئن عليها وعلى وظيفتها الجديدة في احدي الشركات التجارية ثم بدأت اتصالاته تقل رويدا رويدا حتى بات يمر أسبوع واسبوعان ولا يتصل تبدلت المشاعر الجياشة أصابها بعض الفتور ، لم يكن هناك  ما  يبرر هذا الفتور ، سألت سناء إبراهيم بصورة مباشرة عن  أسباب هذا الفتور فأكد لها أنها ظروف عمله حالت دون أن يكون على اتصال بها كسابق أيامه ،،  مضت فترة طويلة أنقطع فيها إبراهيم تماما عن الاتصال بها مما ترك تساؤلا كبيرا عما أصابه ،، حاولت الاتصال به فتأكد لها أنه قد غير رقم هاتفه وانقطعت العلاقة تماما ، وكانت سناء تعاني من أمر آخر وهو أن والدها كان يضغط  عليها للزواج بابن أخيه الضابط في القوات المسلحة ،، كان محمد شابا رقيقا ومهذبا لا يقل تهذيبا عن إبراهيم غير أنه يتميز عليه بأنه يعمل ضابطا وكان مستقرا ماديا وله وضعه الاجتماعي المميز في الأسرة ، وتحت ضغوط اسرتها وانقطاع إبراهيم عنها لفترة تجاوزت العامين دون أن يتصل بها وافقت سناء بالاقتران بمحمد إرضاء لوالدها و حفظا لكرامتها التي أحست بأنها ممتهنة لعدم اتصاله بها لفترات طويلة ،، وافقت أخيرا سناء وتمت الخطوبة وتم تحديد تاريخ الزواج الذي كانت ترقبه بإحساس غريب ، أحساس مزيج من الهزيمة والفرح المالح ،، وكان يوم الزفاف وتم كل شئ حسب ما هو مخطط له واعد الصيوان بصورة جميلة تليق بسعادة الضابط محمد وعروسته سناء ووسط الأهازيج وصوت المغني وهو يشدو والعريس والعروس يجلسان في أريكة أعدت بصورة رائعة تتناسب مع عظمة ذاك اليوم ، حدث ما لم يكن في الحسبان إذ توقفت سيارة أجرة ونزل منها إبراهيم وكان واضحا أنه  قد قدم لتوه من المطار وما أن شهد الحفل البهيج حتى طفرت دمعة حرى من عيناه ، لمحت سناء وجه إبراهيم حتى فغرت فاها في اندهاش إلا أنها لاحظت أمرا جلل رأت إبراهيم وقد غابت يده اليمنى ،كان ذلك واضحا من خلال كم القميص الذي يرتديه وقد أخذت الريح الخفيفة تلك الليلة في تحريكه يمنة ويسرة ، تسمر إبراهيم في  مكانه وسط دهشة كثير من زملائهم الذين حضروا للمشاركة في الزواج ، انتبه إبراهيم أخيرا فرجع بسرعة للسيارة الأجرة التي يستغلها وغاب عن الأنظار ،، وغابت قصة حب شديدة الجيشان بعد أن عرف الجميع الظروف التي مر بها إبراهيم والحادث الأليم الذي كان سببا في انقطاعه طيلة هذه الفترة والذي راح ضحيتها قلبه المحب ويده اليمنى . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق