عبدو كنب من الشخصيات اللطيفة وقد جمعتني به علاقة تمتد لاكثر من ثلاثون عاما ، رجل حاضر البديهة والنكتة ، وهو من أهل مدينة عطبرة أو ( أتبرا) كما يحلو لاهلها أن يسمونها وقد أصطحبته في زيارة لمدينة الحديد والنار عام 1977م لقضاء عطلة عيد الأضحي المبارك ، كان الجو باردا إذ أن العيد كان في ديسمبر من ذاك العام ،، ركبنا قطار عطبرة وكان ( قطر عيد ) وأهل عطبرة يعلمون ماذا تعني كلمة ( قطر عيد) وهو أنه لا تجد موطأ لقدم إذ يحرص كل الناس بالسفر في ذاك اليوم للحاق بالعيد بين أهلهم وذويهم ،،ركبنا عند بوابة العربة وطبعا ( واقفين شماعة ) وركب شاب يبدو أنه من احدى الأسر الأرستقراطية ، لم يجد مكان فجلس في باب العربة معطيا ظهره للركاب ووجهه للشارع ، تحرك القطار الساعة السادسة وخمسة واربعون دقيقة والبرد كان قارسا ، ما أن تجاوزنا مدينة بحري حتى أخرج صديقنا الأرسطوقراطي كيس ( الزوادة ) وبدأ في إخراج الطعام دون أن يلتفت لنا نحن الواقفين خلفه تماما ، كان يخرج الطعام بصورة فيها كثير من الأثارة ،، سانبوكسه - سندوتشات فول مصلح - لحمة محمرة - وكان يضرب البيضة قرب رؤوسنا لتقشيرها ، ومع رائحة الطعام الرائعة في ذاك الصباح البارد تعبت أمعاءنا كثيرا واكتفينا بتدخين السجائر ( البرنجي ) على الجوع مما سبب لي كثيرا من المغص ،، أستمر ذاك الشاب في الأكل حوالي المحطتين وسندة ( السندة محطة صغيرة لايقف فيها القطار بل يخفف من سرعته فقط) وبعد أن أكمل طعامه الدسم وأنا وصديقي عبدو كنب في حنق شديد من هذا الشاب ، لما لا يدعونا كعادة كل السودانيون لتناول الفطور معه خصوصا وبرودة الجو والأحساس بالجوع الذي ضاعف منه بنشره لتلك الروائح الرائعة .
بعد أن أكمل طعامه مسح فمه بمناديل ورقية كانت في جيبه ثم إلتفت الينا قائلا : يا شاب بالله سجارة ( وكان يقصد صديقي عبدو كنب ) فصرخ عبدو بأعلى صوت لديه :
- أبييييييييييييييييييييييييييييت
وضحك كل من كان حولنا لردة الفعل هذه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق