منذ فترة وكل الناس في السودان يتحدثون عن عدادات السداد المقدم للكهرباء أو ما سمي وقتها (بالجمرة الخبيثة ) حقيقة إنها فكرة ذكية تجعل الإنسان يتصرف حسب مقدراته المالية وبالتالي تكون قد سدت زريعة التحايل على القانون وما يعرف ( بالجبادة ) وهي طريقة يقوم الشخص الذي يفصل عن التيار الكهربائي بعمل توصيلة من السلك يسترد بها التيار الكهربائي حتى وإن تم القطع من العمود الرئيسي الموصل لمنزله كما أن هناك طريقة أكثر ذكاء وهي عملية ( الكبري ) وهو أن يقوم بتوصيل سلك من مصدر التيار الداخل للمنزل دون الدخول للعداد وعليه يكون مستمتعا بالكهرباء دون احتساب قيمة الصرف ،، هذه الفكرة أعجبتي كثيرا وعلمت أن أخيرا هناك اتجاه لعمل ( جمرة خبيثة ) للمياه أي دفع مقدم تقوم الهيئة بفصل الماء منك حال ما ينضب رصيدك طرفهم ،،
قصة أولي : حينها تذكرت في فترة الصبا الباكر كنا مجموعة من هواة السينما خصوصا افلام الكاوبوي ، ونكون في سعادة غامرة إذا حضر أحدهم وأكد لنا أن هناك فلم كاوبوي ( وسخان ) في سينما كلوزيوم أو الصافية أو الوطنية ، ووسخ الكاوبوي يدل على قوته وبالتالي الاستمتاع بفلم جميل غاية الجمال وتطفر في الذاكرة افلام ترنتي - جوني يوما - ورنجو وديجانقو ،، كانت حينها الظروف المعيشية ضاغطة ومصادر العيش محدودة واذكر أن الوالدة ( ربنا يمد في أيامها ) تخصص لي مبلغ خمسة قروش لزوم الفطور والمواصلات حيث كنت حينها أدرس في مدرسة بيت المال الوسطى وهذا المبلغ لا يمكن له أن يزيد تعريفة واحدة ،، وكان ما أن يظهر فلم كاوبوي إلا وتظهر مشكلة كبيرة في حياتي حيث أنه لم ترصد ميزانية للسينما قط ففكرت حينها بكيفية معالجة هذا الوضع ، وهداني تفكيري إنه لا مناص إلا أن اسحب رصيد الأفطار لليوم التالي لأستمتع بالفلم ، كانت السينما ( طبعا شعب ) بمبلغ اربعة قروش فكنت أخذ حق الفطور ليوم غد واذهب واستمتع بالفلم أكثر من أقراني ،، و ما أن تصبح شمس اليوم التالي حتى أفيق مما أنا فيه حيث أتذكر ما فعلت بحق الفطور خصوصا وإنها سبعة حصص ، وايضا هدتني عقليتي الأقتصادية حينها لمعالجة هذه المشكلة فما يكاد أن يقرع جرس الفسحة حتى اذهب مباشرة لحاجة مستورة وأشتري فول مدمس بقرش وأطالبها بزيادته ثم أقوم بإلتهامه بنهم شديد ولمعالجة الأمر بصورة حاسمة إذهب بعدها مباشرة ( للمزيرة ) وإزدرد كوز أو كوزين من الماء ،، فكان ما أشرب الماء على الفول حتى أشعر بالشبع حد التخمة وهذا سر من أسرار خطتي الإقتصادية ، دارت بخلدي هذه القصة الطريقة ووجدت حينها بأني من رواد الجمرة الخبيثة في السودان فالفكرة هي الفكرة والألمعية لا أحسد عليها.
قصة ثانية : ذهبنا وأسرتي لقضاء عطلة عيد الفطر الفائت في دبي لتتمكن زوجتي من الألتقاء بشقيقتها والتي مضى على عدم الإلتقائهما أكثر من أثنتي عشرة عاما ،، عموما حزمنا أمتعتنا ورحلنا لتلك الديار ،، وأمضينا معهم فترة غاية الروعة ،، في يوم اتفقت زوجتي وشقيقتها للذهاب لشراء بعض الحاجيات من دوار الساعة في الشارقة واخذن ما يكفيهن من مبالغ مالية ويبدو إنهن قد بالغن في عملية الشراء بحيث لم يتبق لهن ما يكفي لاستئجار ليموزين للرجوع للبيت ، لم يأبها بشح المورد فأستغلتا ليموزين تجاه المنزل وبدأن في متابعة العداد وما أن تطابق رقم العداد مع ما يحملن فلوس أوقفن سائق الليموزين في صوت واحد ثم أكملا المشوار مشيا على الأقدام ، وهذه القصة لا تخرج كثيرا من فكرة الجمرة الخبيثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق