كنا في زمان غابر ما أن نمر بسوق أم درمان ,إلا وتستوقفنا محلات ( باتا ) للأحذية وباتا هذه شركة بريطانية كانت من مخلفات المستعمر البريطاني ، كان أكثر ما يميز باتا هو أسعارها فكانوا يستحدثون طريقة غريبة لتسعير منتجاتهم فمثلا اذا كان الحذاء بجنية كانوا يضعون عليه ديباجة (99 قرش ) ولاتدري كم كان هذا الأسلوب مغريا للشراء ، كنا صغارا وكنا نفتخر كثيرا أنو الحذاء الذي نرتديه من باتا ، كما أن باتا في فترة ما انتجت احذية من القماش السميك وسميت (بجزمة باتا ) وكانت تباع بمبلغ زهيد للعمال ومحدودي الدخل ، جالت بخاطري هذه الخاطرة وأنا أستعرض أشهر قصص الأحذية في التاريخ :
قصة سندريلا تلك الفتاة الجميلة التي توفت عنها والدتها فقرر والدها الزواج من أخرى علها تقوم برعاية سندريلا ، وتزوج والدها من سيدة انجب منها بنتان وكانتا دميمتي المنظر وكن يحسدن سندريلا على جمالها ، توفي والدها وبدأت زوجة أبيها تسئ في معاملتها حتى جاء يوم طرح الملك عرضا لكل الفتيات أن يحضرن لحفل اقامه في قصره ومن تنال اعجاب الأمير فسوف يتزوجها ، تقاطرت الفتيات في احلى الحلل للفوز بقلب الأمير وإستأذنت سندريلا من زوجة ابيها في الذهاب فوافقت على أن تقوم سندريلا بنظافة المنزل والملابس ومن ثم سوف تهديها فستان جميل لتذهب به للحفل ، أجتهدت سندريلا في نظافة المنزل بصورة أعجبت زوجة الأب فأهدت سندريلا الفستان الذي وعدتها به ، ارتدت سندريلا الفستان لكن أخواتهامن والدها قد غرن منها فقمن بتقطيع الفستان وذهبن للحفل وتركنها وحيدة في المنزل تبكي وتندب حظها وفجأة حضرت الساحرة الطيبة واعطتها فستان جميل ولكن اخبرتها ما أن ينتصف الليل فان الفستان سيختفي وعليها أن تعود قبل منتصف الليل ، ذهب سندريلا للحفل في ابهى حلة مما لفت نظر الأمير وطلب منها أن ترقص معه وفيماهي منهمكة في الرقص انتبهت لقرب منتصف الليل فأسرعت تركض وخرجت من الحفل مخلفة خلفها حذاءها ، فأمر الأمير من حرسه البحث عن صاحبة الحذاء وبحثوا عنهاحتي وجدوها وتزوجها الأمير وعاشت معه في رغد من العيش .
أما الحذاء الثاني فكان للطنبوري وهو تاجر من بغداد وكان تاجرا ثريا إلا انه بخيلا بحيث أن حذاءه الذي يرتديه قد تقطع فكان كلما ينقطع يضع فيه رقعة من الجلد حتى صار الحذاء عبارة عن رقع متلاصقة ،، تحدث معه بعض اصدقاءه بأن يتخلص من هذا الحذاء وبعد صعوبة في اقناعه رمي به في مكان للقمامة ، وذهب وفي طريقه وجد بعض القوارير الزجاجية الغالية معروضة في السوق فاراد ان يشتريها ولكنه استكثر ثمنها فتركها وهو في طريقه وجد بائع للمسك فهم ان يشتري المسك فتذكر ان المسك يحتاج لمثل تلك القوارير فرجع واشتري القوارير واشتري المسك ووضعه فيها ووضعها في منضدة في غرفته ، مر احدهم فوجد حذاء الطنبوري ملقي في القمامة فأخذه ليرده عليه ولما حضر ولم يجده فوجد النافذة مفتوحه فقذف به من النافذة فوقع الحذاء على القوارير وكسرها وضاع المسك الذي فيها ، عاد الطنبوري فغضب كثيرا من هذاالحذاء فأخذه ورماه في البحر ، فإذا بصياد يصطاد فتقع شبكته على الحذاء المشؤوم فيسحبها فيجده فيذهب به للطنبوري ، أخذ الحذاء ووضعه في سطح المنزل ليجف من الماء وما هي لحظات إلا بقط يحمله ويقفز به من سطح لآخر واذا بالحذاء يقع من القط على سيدة حامل فتسقط ويسقط جنينها ، فذهب زوج تلك المرأة للقاضي وشكى الطنبوري ومافعله حذاءه فيسجن الطنبوري ولما خرج من سجنه أقسم أن يحفر حفرة ويدفن فيها الحذاء فقام منتصف الليل وبدأ يحفر واذا بالجيران يسمعون الحفر فيظنون أنه لص فيبلغوا الشرطة التي تأتي وتأخذ الطنبوري بتهمة انه يهم بالسرقة ، ويرمي في السجن ، خرج من السجن وذهب لحمام عام في بغداد وفكر أن يستحم ومن ثم يخرج ويترك الحذاء في مكانه ، وصدف أن كان الأمير يستحم في الحمام وبعد خروجه يكتشف أن حذاءه قد سرق فينتظر حتي يأخذ كل شخص حذاءه والحذاء المتبقي هو بالقطع حذاء السارق وكان حذاء الطنبوري فيؤخذ للسجن بتهمة سرقة حذاء الأمير ، يخرج من السجن ويقرر أن يذهب للصحراء ويحفر حفرة للحذاء ويدفنه فيها وفعلا ذهب متخفيا وحتي بلغ مكان ما في الصحراء وبدأ في الحفر إلا وياتيه رجال الشرطة ويلقون القبض عليه ويذهبوا به للقاضي ويخبروه بأنه قبضوا على القاتل ، فعرف بعدها بأنه قد وجد شخص مقتول في تلك البقعة من الصحراء ولما حملوه وجدوا تحته صرة من الذهب فأخذوها واختبأوا ظنا منهم بأن القاتل حتما سيأتي للذهب .
حاشية : قبض على لص في سوق أمدرمان فبدأ الناس في ضربه وشتمه ففيهم من شتمه بقول ( يا جزمة ) فرد شيخ كبير كان يشاهد الموقف ( لا تقولو جزمة ) فأستغرب الموجودين عمن يدافع عن حرامي كهذا فاردف الشيخ ( الجزمة تحميك من الشمس تحميك من الشوك ) وحينها أدركنا ما يرمي له الشيخ .
ما يستفاد من القصص الطويلة والمملة عاليه : أن الأحذية خشم بيوت منها ماهو فأل حسن لصاحبه ومنها ماهو شؤم على صاحبه والله يكرم القارئين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق