السبت، 23 يوليو 2011

تنظير

حقا نحن شعب يحب التنظير في كثير من الأمور كانت تخصنا أو تخص غيرنا ،، فكثيرا في المناسبات تجد ثلة قليلة يقومون بتركيب ( الصيوان ) وعدد كبير جدا من المنظرين ، 
- ياخي خلي باب الصيوان يكون فاتح كدا عشان الشارع 
- لا أحسن في هذا الإتجاه عشان الجاي العرس يشوف الصيوان من بعيد 
- يا خوانا الأداكم الصيوان بتاع الجمعية دا منو ، نحن حاجزنو لينا اكثر من شهر لمناسبة زواج ... 
- الحديد ناقص أمشي يا ولد لي ناس عمك عبدالله شوف الحديد الناقص دا هناك 
الخ الخ الخ 
وفي الإتجاه الآخر تجد من يقوم بارسال تعليماته للأولاد الصغار بنظافة الصيوان من الداخل ،
- يلا يا أولاد شيلو الحجارة دي كلها ارموها وراء الصيوان 
- ياخي ولد مصطفى دا اصلوا ما بشتغل بس قاعد يشاغل في الأولاد ( الله يلعن ......)
وتجد من يقف مع بعض الشباب مصدرا تعليماته بالذهاب للفرن لاحضار الخبز وآخرون يذهبوا لموضوع الساوند والكشافات وخلافه ، 
أما في المآتم فيكثر التنظير ابتدأ ممن يحضر وتبدو على ملامحه الدهشة بخبر الوفاة علما بأن المرحوم يكون متوفي ( سريريا ) لاكثر من عام ،، لا حول ولاقوة الا بالله ،، الوفاة دي حصلت متين ،، وتبدأ رحلة التنظير ،، أها كلمتوا عثمان في الأمارات ،، وناس ودنوباوي عندهم خبر ،،،ويقطع هذا الإسترسال بكاء بعض النسوة وهن ( ينهنهن ) بصورة تمثيلية ، ويظهر أخو المرحوم بعد أن يقوم بمحاسبة صاحب الأمجاد ويطمئن من أن الباقي مظبوط فيضعه في جيبه ثم يعدل من عمامته ويبدأ في النحيب بصوت أجش عالي ليلتفت له كل من في الصيوان ،، ويقوم بعضهم بالركض ناحيته وتتكرر كلمة ( أستغفر ربك ،، كلنا لها،،، الدوام لله  ) ،، علما بأن أخو المرحوم هذا كان مقاطعا شقيقه لأكثر من خمسة سنوات ولم يزره قط طيلة فترة مرضه التي طالت ؟
- في مقدمة الصيوان هناك من يستفسر بالهاتف الجوال عما اذا قام الشباب بتجهيز القبر ثم يأخذ شقيق المتوفي ليدخله معه للقيام بغسل الجنازة دون الإلتزام بالشروط المقيدة لذلك .
بعد أكثر من ساعة تتحرك الجنازة في (بوكس ) يلتف حولها مجموعة من زويه في مظهر دراماتيكي اذ أن بعض الذين ركبوا مع الجنازة قد حزم نفسه بعمامته بصورة تدل على أن الأمر قد حزم ولابد من ربط العمامة بتلك الطريقة وربما شعور بالجوع يحاول أن يتغلب عليه بتلك الطريقة ،، بعض النسوة يركضن خلف البوكس ويتبرع من هو اعلا الراكبين صوتا بإنتهارهن ، ( ارجعوا البلاء اليخمكن كلكن ) تحس في نبرات صوته وكأنه يود أن يصفي حساب قديم من هذا الجنس من البشر . يخرج السائق رأسه مخاطبا الراكبين في الخلف متسائلا ، الدفن في احمد شرفي ولا البكري ؟؟؟ فيهمهم الجميع بأنهم لا يعرفون تماما إلا أنه بتبرع حسن فلسفة وهذا إسمه بأن يعمل خياله ، فيرد بما أن ناس عمك ديل انصار فالدفن سيكون في أحمد شرفي ،،، 
يصل الركب للمقبرة فيقوم بعض الحاضرين بالذهاب للمغاسل للوضوء للصلاة على الجنازة وكثير منهم لا يؤدي الصلوات المفروضات ولكنه يبادر لصلاة الجنازة وكأنها هي التي فرضت ولم تفرض الخمس صلوات المتعارف عليها ، يصطف الحاضرون ويحضر الشيخ والذي يبادر بإصدار تعليمات شديدة بأن أصطفوا لاكثر من خمس صفوف ،، وبين الفينه والأخرى ينظر للحضور وكأنه يقول لهم ( شفتو الموت قريب كيف ،،) وكأنه يتشفي من الحاضرين ببسمات باهته يوزعها يمنة ويسرة .
بعد الإنتهاء من الصلاة يبدأ التنظير في اعلى صوره بدأ من حمل الجنازة لمثواها فكل يود أن يقوم بهذه المهمة مع قصر المسافة بين المصلى والقبر وما أن تقترب الجنازة إلا وتتعالى الأصوات ( جيب الجنازة بي جاي ،، خلي الرأس تجاه الجنوب والارجل تجاه الشمال ، وين ود المرحوم ،، خليه ينزل عشان ينزل الرأس ،، يا خوانا شوية كدا وينبري صوت بلا مقدمات يبدأ في قراءة سورة يس ،، بعض الحاضرين يذهبون بعيدا تحت ظل شجرة لا ظليل ولا يقي من حر ذاك اليوم ،، ويبدأوا في التحدث عن المرحوم ومشاكلو مع ناس التعاون ،، ( كفي بالموت واعظا ) ( أسمع خت طينة تحت رأس الميت ،، يلا يا شباب جيبو الطوب ،، الطين دا لين اديه شوية تراب ،،،، أمسك يا شيخ محمد ،،،،) وتتم عملية الدفن وبعد أن يهيل الجميع التراب على القبر يبدأ تسوية القبر بالواسوق والبعض يبالغ في التسوية لحد أنهم لا ينقصهم حينها إلا ميزان موية وقدة ، ثم ترش الماء فوق القبر ، ويبدأ الجميع بقراءة الفاتحة ولا ينتهي الجميع من قراءة الفاتحة إلا هناك من يطلب منهم قراءة الأخلاص (11) مرة لروح المرحوم ، بعدها يتحرك الجميع في حالة يرثى لها من الغبار والتعب في ذلك اليوم الغائظ للصيوان لتبدأ رحلة تنظير جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق